Skip to main content

Blog entry by Sam Sam


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: 
فإنّ يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم في التقويم الهجري، وهو يوم يحمل في طياته أبعادًا تاريخية ودينية عميقة في الإسلام و شهادة تاريخية على انتصار الحق، ليس مجرد يوم عابر في السنة، بل هو مناسبة تتجدد فيها الذكرى والعبرة، وتتوالى فيها فضائل عظيمة لمن يحرص على اغتنامها.
يوم عاشوراء فرصةُ عبادةٍ غالية للمسلمين، فهذا اليوم يجمع بين عِظَم حدث تاريخي هام، وسُنَّة نبوية ثابتة في الصيام، مما يجعله محطة روحية للتأمل والشكر وتجديد العهد مع الله تعالى.  
وقد تعدّدت الروايات حول المناسبة التاريخية ليوم عاشوراء، وأبرزها وأثبتها ما يتعلق بنجاة موسى -عليه السلام- وقومِه من فرعون وجنوده، إذ بعد سنوات طويلة من الاضطهاد والعذاب، أذن الله لموسى -عليه السلام- بالخروج بقومه من مصر، وعندما لحق بهم فرعون وجنوده، شق الله البحر لموسى وقومه، وعبروا سالمين، بينما أغرق الله فرعون وجنوده.
قال الله تعالى: (وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَسۡرِ بِعِبَادِيٓ إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (52) فَأَرۡسَلَ فِرۡعَوۡنُ فِي ٱلۡمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ (53) إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ لَشِرۡذِمَةٞ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمۡ لَنَا لَغَآئِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَٰذِرُونَ (56) فَأَخۡرَجۡنَٰهُم مِّن جَنَّٰتٖ وَعُيُونٖ (57) وَكُنُوزٖ وَمَقَامٖ كَرِيمٖ (58) كَذَٰلِكَۖ وَأَوۡرَثۡنَٰهَا بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ (59) فَأَتۡبَعُوهُم مُّشۡرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَٰٓءَا ٱلۡجَمۡعَانِ قَالَ أَصۡحَٰبُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّآۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهۡدِينِ (62) فَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰمُوسَىٰٓ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡبَحۡرَۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرۡقٖ كَٱلطَّوۡدِ ٱلۡعَظِيمِ(63) وَأَزۡلَفۡنَا ثَمَّ ٱلۡأٓخَرِينَ (64) وَأَنجَيۡنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥٓ أَجۡمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغۡرَقۡنَا ٱلۡأٓخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗۖ وَمَا كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّؤۡمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ (68) 
وقد ورد في صحيح البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قدم النبي ﷺ المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى شكرًا لله، فقال رسول الله ﷺ: أنا أحق بموسى منهم، فصامه وأمر بصيامه"
 
فضل صيام يوم عاشوراء:
يُعد صيام يوم عاشوراء من السنن المؤكدة التي رغب فيها النبي ﷺ، فقد ورد في صحيح مسلم عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: "يكفر السنة الماضية"
هذا الحديث النبوي الشريف يبين عظمة صيام هذا اليوم وفضله، فهو يكفر ذنوب سنة كاملة مضت، وهو فضل عظيم ينبغي للمسلم أن يحرص عليه.
ويستحب للمسلم أن يصوم يومًا قبله أو يومًا بعده، أي صيام التاسع والعاشر، أو العاشر والحادي عشر، وذلك مخالفة لليهود والنصارى، وزيادة في الأجر والثواب، فقد قال النبي ﷺ: "لئن بقيت إلى قابل لأصومنّ التاسع" صحيح مسلم، أي: مع العاشر، وهذا يدل على حرصه ﷺ على مخالفة أهل الكتاب.

ولصيام عاشوراء مراتب ذكرها أهل العلم، ومن هذه المراتب:
 • الترتيب الأكمل: صيام التاسع والعاشر (سُنة مؤكدة)، ويزيد بعض أهل العلم اليوم الحادي عشر في هذه المرتبة.
 • المرتبة المتوسطة: صيام العاشر ويومًا قبله أو بعده.
 • المرتبة الأدنى: صيام العاشر فقط.
 
ختامًا: إن يوم عاشوراء أكثر من مجرد تاريخ، إنه دعوة للتأمل في عظيم قدرة الله ونصره لأنبيائه عليهم السلام، وتذكير بفضائل الشكر والعبادة.
يمثل يوم عاشوراء لوحة إيمانية رائعة؛ تجسد انتصار الحق على الباطل في نجاة موسى عليه السلام ، وتربط الأمة بذكرى الأنبياء عبر عبادة الصيام، إن صيامه ليس مجرد امتناع عن الطعام، بل هو إحياء لسنة نبوية، وتحصيل لمغفرة واسعة، وتذكير بقدرة الله في نصرة المؤمنين.
إن صيام هذا اليوم فرصة ذهبية لمحو الذنوب والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى؛ فلنحرص جميعاً على اغتنام هذا اليوم العظيم بالطاعات والعبادات، وأن نبتعد عن كل ما يغضب الله، طالبين منه العفو والمغفرة.