Skip to main content

Blog entry by Sam Sam

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالحج المبرور من أعظم الأعمال التي تكفر الذنوب وتهدم ما سبقها من الآثام والعيوب، كما جاء في حديث عمرو بن العاص -رضي الله عنه- حين قال النبي ﷺ له: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟» (رواه مسلم).

الحج والعمرة: تنقية من الذنوب والفقر:
وردت نصوص كثيرة تُبين فضل المتابعة بين الحج والعمرة، منها قول النبي ﷺ: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد» (صححه الألباني).
وشبَّه النبي ﷺ تطهيرَ النفس من الذنوب بتطهير النار للحديد من الشوائب، إشارة إلى أن تكرار هاتين العبادتين يُذيبان آثار الخطايا ولو عظمت.
شروط مغفرة الذنوب في الحج:
بيَّن النبي ﷺ أن الحاج يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه بشرطين:
1. اجتناب الرفث: وهو الجماع أو الكلام الفاحش.
2. اجتناب الفسوق: وهو المعصية بمخالفة الشرع.
جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «من حج فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» (متفق عليه).
وقد وضّح ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" أن المغفرة تشمل الصغائر والكبائر، لكنها لا تشمل حقوق العباد إلا بالتصالح.
فضل الوقوف بعرفة ومغفرته للذنوب:
الوقوف بعرفة من أعظم مشاهد الحج، وفيه يُباهي الله بالحجاج ملائكته، جا في الحديث: «يَهْبطُ اللَّهُ إلى السَّماءِ الدُّنيا عَشيَّةَ عَرفَةَ ثم يباهي بِكُمُ الملائِكَةَ فيقولُ هؤلاءِ عِبادي جاؤوني شُعثًا من كلِّ فَجٍّ عميقٍ يَرجونَ رَحمتي ومَغفِرَتي فلَو كانَت ذنوبُهُم كعَددِ الرَّملِ لغَفرتُها أفيضوا عبادي مغفورًا لَكُم لمن شفعتُمْ فيه» (رواه الطبراني في الأوسط وصححه الألباني).
وصية للحجاج:
ينبغي للحاج أن يتهيّأ روحيًّا وعلميًا بتعلمه مناسك الحج وسؤاله أهل العلم عن ذلك فقد قال ﷺ: (خذو عني مناسككم) وقال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) فيبادر الحاج قبل الحج بالتوبة النصوح، ورد المظالم إلى أهلها، وقضاء الديون أو يستأذن أصحابها في ذهابه للحج، حتى يتحقق له وعد النبي ﷺ بالعودة كيوم ولدته أمه.
وقد حذَّر النبي ﷺ من أن المغفرة لا تشمل حقوق العباد إلا بالتصالح، كما في حديث العباس بن مرداس رضي الله عنه: «إن الله غفر لأمتي إلا المظالم، فإني آخذ للمظلوم منه» (حسنه ابن حجر).
فالحج فرصة عظيمة للتجدد الروحي ومدرسةٌ متكاملة في التنظيم والانضباط، لكنه يتطلب إخلاصًا وطهارة قلبية، ليكون الحج مبرورًا، والذنب مغفورًا، والسعي مشكورا.
تقبل الله للحجاج حجهم وغفر ذنبهم وأجزل لهم المثوبة وردّهم سالمين غانمين إلى أهلهم وديارهم يارب العالمين.