الحمد لله الذي وهب الحكمة لمن يشاء، وجعلها نورًا يستضيء به الداعية في طريقه، والصلاة والسلام على نبينا محمد، قدوة الدعاة وإمام الحكماء، وعلى آله وصحبه أجمعين.

مفهوم الحكمة وأهميتها في الدعوة:
الحكمة تعني وضع الأمور في مواضعها الصحيحة، وهي هبة من الله تعالى، كما قال: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ (البقرة: 269). ويمكن اكتسابها من خلال العلم النافع، والصبر، والتقوى، والتفكر في العواقب.
صفات تعين الداعية على التحلي بالحكمة:
التأني والصبر:
أوصى الله نبيه بالصبر كما صبر أولو العزم من الرسل: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ (الأحقاف: 35). فالصبر يعين الداعية على تحمل الأذى دون استعجال النتائج.
الحذر والحيطة:
الحكمة لا تعني التصريح بكل الأهداف والخطط، فقد أخفى النبي ﷺ عزمه على فتح مكة حتى يحين الوقت المناسب، مما يدل على أهمية التخطيط وعدم التسرع.
الاستفادة من التجارب:
التجربة خير معلم، كما قال الله تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ ﴾ (محمد: 10). فالداعية الحكيم يتعلم من أخطائه وأخطاء غيره ليزداد بصيرة.
كثرة الدعاء:
الدعاء من أعظم السبل لتحقيق المطلوب ، فادع الله بالحكمة يرزقك إياها بفضله ورحمته.

الحكمة من أهم صفات الداعية الناجح، فهي تعينه على إيصال رسالته بأفضل الطرق. وبتحليه بالصبر، والبصيرة، والحذر، يسير على خطى النبي ﷺ في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة كما قال تعالى (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي أحسن )النحل 152. نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الحكمة في القول والعمل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.