
لحمد لله الذي أكرمنا بشهر رمضان، وهدانا لصيامه وقيامه، وختَمَه لنا بعيد الفطر، يوم الفرح والسرور، يوم الجوائز للمتقين، والمغفرة للصائمين، فالعيد في الإسلام ليس مجرد مناسبة للفرح، بل هو محطة عبادة وشكر، تُختتم بها أيامُ الطاعة، وتُجدد فيها العهود مع الله.
وأول ما يبدأ به المسلم في يوم العيد هو إخراج زكاة الفطر، تلك الفريضة التي شرعها الله طهرةً للصائم من اللغو والرفث، وإغناءً للفقراء عن السؤال يوم الفرح. وقد أمر النبي ﷺ بإخراجها قبل الخروج إلى صلاة العيد، كما في الحديث الصحيح: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ» (صحيح البخاري).
وتُخرج من قوت البلد، كالتمر أو الأرز، امتثالاً لسنة النبي وتوجيه الصحابة، كما فعل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه.
ويُشرع للمسلم التكبير من غروب شمس آخر يوم في رمضان حتى انتهاء صلاة العيد، تكبيرًا يُعلن فرحة العبد بربه، ويُجسد قوله تعالى: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ (البقرة: 185).
وصيغة التكبير الثابتة عن الصحابة: الله أكبر الله أكبر كبيرًا، أو الله أكبر ولله الحمد، دون زيادة أو ابتداع..
ومن سنن النبي ﷺ في العيد أن يغتسل ويتطيب، ويلبس أحسن ثيابه، تأكيدًا على أن الفرح بالطاعة لا ينفصل عن حسن الهيئة.
وكان الصحابة يخرجون إلى المصلى في أبهى حُللهم، ليُظهروا نعمة الله عليهم.
ثم تُقام صلاة العيد في المصلى اقتداءً بالنبي ﷺ إلا إذا دعت الحاجة إلى إقامتها في المسجد. وهي ركعتان، يُكبِّر في الأولى سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس تكبيرات، ويقرأ الإمام فيهما بسورتي "الأعلى" و"الغاشية"، كما في صحيح مسلم.
وبعد الصلاة، يستمع المصلون لخطبة العيد، وهي سنةٌ يُستحب حضورها، لكن من انصرف بعد الصلاة فلا حرج عليه.
وللنساء والأطفال: فرحةٌ لا تُحجب!
فقد حرص النبي ﷺ على إشراك الجميع في فرحة العيد، حتى الحُيَّض والعواتق، حتى "يَشْهَدِن الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ" كما جاء في صحيح البخاري. لكنه نَهى الحُيَّض عن دخول المصلى، تأكيدًا على طهارة المكان.
ويستحب تبادل التهاني بقول: تقبل الله منا ومنكم، و هو هدي الصحابة الذي نقلته لنا الروايات الصحيحة. فهي كلماتٌ بسيطة، لكنها تحمل معاني المحبة والأخوة، وتُذكِّر بأن الفرح الحقيقي هو فرح الطاعة.
فلنجعل عيدنا مزيجًا من الفرح الشرعي والعبادة الخالصة، نُظهر فيه السرور بطاعة الله، ونُجنب أبناءنا مظاهر الترفيه المُحرَّم.
Copyright © 2025 Messengers of Peace Academy
Install our app for better experience!