Skip to main content

Blog entry by Sam Sam

Published Date: 20 March 2025

 
إنّ رمضان ليس مجرد شهر في التقويم الإسلامي، بل هو فرصة ذهبية يتجلى فيها نور الهداية و معاني الطاعة والتقوى في قلوب المؤمنين، وقد كان حال السلف الصالح في هذا الشهر المبارك نموذجًا يحتذى به، إذ كانوا يستقبلونه بتوبة نصوح وإخلاص لله عز وجل ، ويسعون لاستغلال كل لحظة فيه في طاعة الله والتقرب إليه وعمارة النفوس بالأعمال الصالحة.
 
مما اعتنى به السلف الصالح تجديد النية والتأهب لاستقبال الشهر العظيم إذ في هذا الشهر الهدى كما قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: «شهر رمضان الذي أُنزِلَ فيه القرآن هُدىً للناس» (البقرة:185).
لم يقتصر استعدادهم على الامتناع عن الطعام والشراب فحسب، بل تجسد ذلك في صيامٍ يتعدى الجسد ليشمل كافة الجوارح، فيضبطون أنفسهم بالكف عن الزور والأعمال الباطلة، كما حذر النبي ﷺ بأن: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" -رواه البخاري.
 
ولم يكن الصيام وحده هو محور عبادتهم في رمضان؛ فقد كانوا يحيون الليل بالقيام، مستشهدين بحديث النبي ﷺ: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» -متفق عليه.
وكانوا يقفون في الليل بجهدٍ وخشوع، يقرأون القرآن ويصلّون به ويقرأونه ويتعلمونه و يتدارسونه، حتى تدمع أعينهم من التأثر بكلام الله عز وجل، فيتجاوزون حدود التعب في سبيل نيل رضوان الله والتقرب إليه.
 
أما في مجال الصدقة والعطاء، فكان السلف مثالاً في الكرم، فقد حرصوا على إطعام الطعام وتفطير الصائمين، مراعين في ذلك وصف النبي عليه السلام بقول القائل عنه: "وكان أجود من الريح المرسلة" -رواه البخاري.
وقد كانت صدقاتهم ليست مجرد زكاة بل أعمال خير تنشر المحبة وترسخ أواصر الأخوة بين الناس.
 
كما ضربوا أفضل الأمثال في استثمار الوقت، إذ كانوا يعتكفون في المساجد ، ويتفرغون للذكر والدعاء في أوقات الإجابة، خاصة عند الإفطار وفي ثلث الليل الأخير، حيث يُستجاب الدعاء. ولم يكن ذلك إلا لتعزيزًا لعلاقتهم برب العالمين وإدراك ليلة القدر، تلك الليلة التي وصفها الله بأنها خير من ألف شهر، كما قال تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ (القدر: 3) والتي كان السلف يتنافسون في إدراكها واغتنام ليالي العشر للظفر بها.
 
كما حرصوا على الاجتهاد في قراءة القرآن، فهو كتاب الله الذي جاء هدى ونورًا، فشهر رمضان هو شهر القران، ولم يكونوا يقتصرون على تلاوته فحسب، بل كانوا يستمعون إليه بتدبر وخشوع حتى تبكي قلوبهم من معانيه العظيمة. وقد رأينا ذلك في مواقف عدة حيث انسكبت دموع الخاشعين على وجوههم، دلالة على تأثرهم بكلام الله وسعة رحمته.
 
وفي ختام هذا التذاكر لأسلوب السلف في رمضان، نجدهم قد جمعوا بين الطاعة والورع، بين الجد والاجتهاد، وبين العبادات الفردية والجماعية، وهم بذلك يقدمون لنا نموذجًا يحتذى في استغلال هذا الشهر الفضيل وقدوة في تنويع العبادات والتقرب الى الله بسائر الطاعات.