تخطى إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات المكتوبة بواسطة Sam Sam

تاريخ النشر: 21 فبراير 2025
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. لقد بعث الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمةً للعالمين، وحاملًا لرسالة التوحيد الخالدة، متممًا لمسيرة الأنبياء السابقين عليهم السلام، ومُصلحًا للأخلاق، ومنقذًا للإنسانية من ظلمات الجهل والشرك.

بعث الله النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، ودعوته امتداد لرسالات التوحيد التي جاء بها جميع الأنبياء عليهم السلام.
قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25]. فجوهر دعوته كان توحيد الله ونبذ الشرك بكل أشكاله، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36].

لم تكن دعوته صلى الله عليه وسلم جديدةً في أصلها، بل كانت تصحيحًا للانحرافات التي دخلت على الرسالات السابقة، وتأكيدًا على وحدة المصدر الرباني. قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ [المائدة: 48].

وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على وحدة دعوة الأنبياء بقوله: «الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد» [رواه البخاري ومسلم].

من مقاصد رسالته صلى الله عليه وسلم تحرير البشر من عبودية العباد إلى عبودية الله وحده، وتخليصهم من الخرافات والأوثان. قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ﴾ [الكهف: 110]. كما حذر من الشرك أعظم التحذير: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾ [النساء: 48].

لم تكن دعوته مقتصرةً على العقيدة، بل شملت إصلاح الأخلاق وبناء مجتمعٍ يقوم على العدل والإحسان. قال صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعثتُ لأتمم صالح الأخلاق» [أحمد]. فنهى عن الظلم والفواحش، وأمر بالصدق والأمانة وصلة الرحم، كما جاء في قوله تعالى: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام: 151].

واجه النبي صلى الله عليه وسلم جاهليةً مُظلمةً انتشر فيها الشرك وانحطاط الأخلاق، فجاء بدينٍ يصلح الفرد والمجتمع، وحين سُئل عن رسالته، أجاب الصحابة بأنها دعوة إلى عبادة الله وحده وترك ما سواه، كما في حوار جعفر بن أبي طالب مع النجاشي: «دعانا لنعبد الله ونخلع الأوثان» [سيرة ابن هشام].

ومن أبرز ملامح دعوته رفض الغلوِّ في الأشخاص، حتى في نفسه صلى الله عليه وسلم، فقال: «لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مريم» [البخاري]. وحرص على أن تكون العبادة خالصةً لله، فنَهى عن اتخاذ القبور مساجدَ، وحذر من الشرك الخفي.


لقد جاءت رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم نورًا يهدي من الضلال، وصراطًا مستقيمًا يوحد البشر تحت لواء التوحيد. فدعوته ليست حصرًا لأمةٍ دون أخرى، بل هي رحمةٌ للعالمين، تدعو إلى الحق والعدل والإيمان. اللهم اجعلنا من المتبعين لسنته، العاملين بشريعته الداعين إلى ملته وطريقته، والمحافظين على جوهر دعوته. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.