Lumaktaw patungo sa pangunahing nilalaman

Blog entry by Sam Sam

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

إن الدعوة إلى الله تعالى ليست حِكرًا على العلماء أو الدعاة المتفرغين، ولا تقتصر على المنابر الكبرى أو المحافل العامة، بل هي مسؤولية كل مسلم ومسلمة، تبدأ من أقرب الدوائر إلى الإنسان: محيطه الخاص. فالأسرة، والأقارب، والأصدقاء، والجيران، وزملاء العمل أو الدراسة، هم أولى الناس بالدعوة، وأقربهم إلى التأثر بما نقدمه لهم من خير وصلاح، لأنهم يشهدون سلوكنا اليومي، ويعايشون أخلاقنا عن كثب.

هذه الدعوة في المحيط الخاص هي الأساس؛ فصلاح الدوائر القريبة يؤدي إلى صلاح الدوائر الأبعد، وهي دعوة عملية بالقدوة قبل أن تكون بالقول. إنها فرصة عظيمة لبث نور الهداية في القلوب التي نعيش معها، وتحصينها من الشبهات، وتوجيهها نحو الخير. وهذا الدور لا يقل أهمية عن الدعوة العامة، بل قد يكون أشد تأثيرًا وأعمق أثرًا، لأنه ينبع من الثقة والمودة التي تربطنا بمن حولنا.

وقد أكد القرآن الكريم على أهمية البدء بالدعوة في الأقربين؛ قال تعالى:
﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214].
هذا الأمر الإلهي يبيّن أن الأقرباء أولى الناس بالدعوة والتحذير، لأن صلاحهم هو صلاح لأساس المجتمع، ولأنهم الأجدر بتلقي النصيحة من شخص يثقون به ويعرفونه. فإذا صلح الأقربون، كان ذلك دليلاً على صدق الداعية وفاعلية دعوته، مما يمهد الطريق للدعوة الأوسع.

كما يوجّه القرآن الكريم المؤمنين إلى الاهتمام بأهلهم وذريتهم، قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6].
فالآية تؤكد أن مسؤولية المسلم لا تقتصر على حماية نفسه من النار، بل تشمل حماية أهله وذريته، وذلك بتربيتهم على الإيمان والطاعة، ودعوتهم إلى الخير، ونهيهم عن الشر.

أما السنة النبوية الشريفة، فقد فصلت هذا المبدأ. ففي الحديث المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال النبي ﷺ:
«كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها».
هذا الحديث يؤسس لمبدأ المسؤولية الفردية في المحيط الخاص، فالأب راعٍ على أسرته، والأم راعية على أبنائها، ولكلٍّ منهما دور في التوجيه والنصح والدعوة بالقول والقدوة.

وقد بدأ النبي ﷺ دعوته من محيطه الخاص بعد نزول قوله تعالى:
﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾.
فجمع أقاربه من بني هاشم وبني المطلب ودعاهم إلى الإسلام، وأقام الحجة عليهم، رغم أن بعضهم كأبي لهب لم يستجب. ومع ذلك، كانت زوجته خديجة رضي الله عنها أول من آمن به وصدّقه، فكانت خير معين له، وهو ما يؤكد أهمية دور الزوجة في دعم زوجها الداعية. كما تربى أبناؤه وبناته في كنفه على الإيمان والأخلاق، فكانت فاطمة رضي الله عنها نموذجًا بارزًا في الطاعة والاقتداء.

ولم تقتصر دعوته على أهله الأقربين، بل شملت جيرانه وأصحابه. فقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
«أن غلامًا يهوديًا كان يخدم النبي ﷺ، فمرض، فأتاه النبي ﷺ يعوده، فقال له: أسلم. فنظر إلى أبيه وهو جالس عند رأسه، فقال له: أطع أبا القاسم. فأسلم. فخرج النبي ﷺ وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار» (رواه البخاري).

إن الدعوة في المحيط الخاص ليست أمرًا ثانويًا، بل هي أساس الدعوة وروحها. فبصلاح هذه الدوائر الصغيرة تتسع دائرة الخير، وينتشر الصلاح في المجتمع بأسره. فهل نعي هذه المسؤولية، ونبدأ رحلتنا الدعوية من أقرب الناس إلينا؟