Lumaktaw patungo sa pangunahing nilalaman

Blog entry by Sam Sam

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
إن الإيمان هو أثمن ما يمتلكه المسلم، وهو ليس حالة ثابتة، بل هو كالنبتة التي تحتاج إلى رعاية وسقاية مستمرة لتنمو وتزهر!
وفي خضم فتن الحياة وتحدياتها، يبحث المؤمن عن وسائل تُثبت قلبه على الحق، وتزيد من يقينه، وتُقربه من خالقه، وقد أرشدنا الشرع الحنيف إلى دروبٍ واضحة، ومن أخصّها وأجلّها: الصحبة الصالحة، وطلب العلم الشرعي، والإكثار من النوافل والتقرب إلى الله، والدعاء والتضرع إلى الله، هذه الوسائل الأربع ليست مجرد ممارسات فردية، بل هي منظومة متكاملة تُشكل حصنًا منيعًا للمؤمن، وتُعينه على الثبات في طريق الحق، وتُعزز من إيمانه ويقينه.


فأما الصحبة الصالحة، فهي من أعظم نعم الله على العبد، وهي كالمظلة التي تقي المؤمن من حر الشمس ورياح الفتن، فالمرء على دين خليله، والطبيعة البشرية تتأثر بمن تُصاحب وتُخالط.
الصاحب الصالح هو الذي يُعينك على الطاعة، ويُذكرك بالله، ويُبصرك بالحق، ويُثبتك عند الشدائد، وينهاك عن المنكر، ويُسارع إلى الخير معك. وقد جاء في الحديث الشريف قوله ﷺ: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسك إما أن يُحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يُحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثة" (متفق عليه).
فمن يُصاحب أهل الخير والصلاح، ينهل من علمهم، ويتأثر بصلاحهم، وتزداد همته في الطاعات، فيرتفع إيمانه.

 
وقد كان النبي ﷺ يُحيط نفسه بالصحابة الكرام، كما أمره الله بذلك، قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28]
الذين كانوا خير معين له على نشر الدعوة، وخير مثال يُحتذى به في الصبر والثبات.
ويأتي طلب العلم الشرعي كركيزة أساسية لتقوية الإيمان، فالعلم هو النور الذي يُبصر به القلب دروب الحق من الباطل، ويُفهم به العبد مراد ربه منه. فالعلم بالله، وبأسمائه وصفاته، وباليوم الآخر، وبالحلال والحرام، يُزيل الشبهات، ويُثبت اليقين، ويُبني إيمانًا راسخًا قائمًا على البصيرة لا التقليد.

 
وقد رفع الله شأن العلماء وطلاب العلم في القرآن الكريم بقوله: "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ" (المجادلة: 11).
والنبي ﷺ حث على طلب العلم بقوله: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة" (رواه مسلم).
فكلما ازداد العبد علمًا بربه، وبأحكام دينه، ازداد خشوعًا وإنابة، وعملًا صالحًا، وارتفع إيمانه.
ثم إنّ من أهم الأسباب لتقوية الايمان الإكثار من النوافل والتقرب إلى الله، فالفرائض هي الأساس، ولكن النوافل هي التي تُقرب العبد من ربه، وتجعله من أحب العباد إليه، فقيام الليل، وصيام التطوع، والصدقات، وذكر الله كثيرًا، وتلاوة القرآن كل ذلك يُعزز الصلة بالله، ويُزيد من محبته للعبد، ويُجعل القلب معمورًا بذكره وشكره.

 
وقد جاء في الحديث القدسي: "وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه" (رواه البخاري).
هذا التقرب يُورث العبد طمأنينة وسكينة في قلبه لا يُمكن لشيء أن يزعزعها، ويُضفي على حياته بركة ونورًا، وقد كان النبي ﷺ يُكثر من النوافل، ويُطيل في صلاته، ويُقيم الليل حتى تتورم قدماه، ويُكثر من الصيام، كل ذلك دلالة على عمق إيمانه ورغبته في المزيد من القرب من ربه.


وأخيرًا، يأتي الدعاء والتضرع إلى الله كوسيلة حيوية لتقوية الإيمان، فهو روح العبادة، وسلاح المؤمن الذي لا يخذل، فالدعاء يُعبر عن افتقار العبد لربه، واعترافه بكمال قدرته وعظمته، وأنه لا حول ولا قوة إلا به. فكلما ازداد العبد دعاءً وتضرعًا، ازداد توكلًا على الله، وثقة به، ويقينًا بأن خزائن السموات والأرض بيده، قال تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" (البقرة: 186).
وقد كان النبي ﷺ يُكثر من الدعاء في جميع أحواله، في الشدة والرخاء، وفي السراء والضراء، وكان يُعلّم أصحابه الأدعية المختلفة التي تُقربهم من الله وتُثبت إيمانهم.
فالدعاء يفتح أبواب الرحمة، ويُعزز الشعور بالقرب من الله، مما يُثبت القلب ويُقوي الإيمان.
في الختام، إن تقوية الإيمان ليست مهمة سهلة، ولكنها رحلة مباركة تستحق الجهد والتفاني.
إن التمسك بالصحبة الصالحة التي تُعين على الخير، والحرص على طلب العلم الشرعي الذي يُنير البصيرة، والمداومة على النوافل التي تُقرب العبد من ربه، والإلحاح في الدعاء والتضرع إلى الله، كل ذلك يُشكل معًا منهاجًا قويًا ومتكاملًا لتعزيز الإيمان وتثبيته في القلوب، ليُصبح المؤمن صلبًا أمام التحديات، ثابتًا على الحق، ناعمًا بالسكينة والطمأنينة التي لا تُدرك إلا بالقرب من الله.